تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 08/10/1993 :خطاب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 1993-1994

07/10/1993

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

حضرات النواب المحترمين:

إننا نرحب بالجدد منكم وبالجديدتين منكم، كما نهنئ الذين هم هنا للمرة الثانية معربين بذلك على أن ثقة منتخبيهم لم تخب فيما يخص أعمالهم و أشغالهم.

حضرات السادة:

لن أطيل عليكم الخطاب، لأن الوقت للعمل وللتجنيد للعمل، ولكن في مستهل كلمتي هاته أريد أن أقرأ عليكم حكمة قصيرة من حكم الأستاذ اليوناني الكبير الشهير بيتاغور الذي كان يقول " الحياة قصيرة، والعلم لا ساحل له، والفرصة سريعة الفلتة، والعقلنة صعبة المنال، والتجريبية تصاحبها المخاطر)، هذه حضرات السادة هي الأركان التي تكون الإطار الذي ستعملون فيه، فاعلموا أن الوقت قصير، والزمان يفلت، واعلموا كذلك أن المشاكل وهي العلم لا ساحل لها، فإياكم ثم إياكم أن تخلطوا بين العاجل والآجل، وبين ما هو مهم وما هو أهم، ومعنى الفرصة السريعة الفلتة هو أننا يجب أن نغتنم كل فرصة تتاح لنا لنسير ببلدنا إلى الأمام ودائما إلى الأمام.

واعلموا أن العقلنة صعبة المنال، وإن صح التعبير بالعربية قلنا فالعقلنة تدوخ صاحبها إن هو أراد أن يتناول جميع المشاكل بالعقلنة الصرفة.

وأخيرا التجريبية تصاحبها المخاطر، لا لكونها حراما، ولكن التجريبية يجب أن لا تكون سر جميع المشاكل أو مفتاح المصاعب.

حضرات السادة:

لا اخفي عليكم أني كنت في أواخر السنة المنصرمة احلم بتكوين حكومة ذات صبغة وطنية يجتمع للعمل فيها جميع أفراد الأسرة السياسية المغربية، إلا أن الظروف وتوالي العمليات الانتخابية في ظرف اقل من سنة الاستفتاء، ثم انتخاب المجالس البلدية والقروية، ثم الاقتراع المباشر ثم الاقتراع غير المباشر، كل هذه الامتحانات جعلت الأعصاب تتوتر، والأصوات ترتـفع، أصبحت الآن أرى أمامي كتلة من جهة، ووفاقا من جهة أخرى.

نعم، هذا ما يقال وما يكتب، ولكن بالنسبة لي أنتم جميعا أبنائي، وكلكم مواطنون، وكلكم جنود لهذا البلد ، وإن اقتضى الحال لي اليقين أنكم ستقفون كرجل واحد مجندين للدفاع عن مقدسا ته ووحدة ترابه.

فما هو برنامج العمل؟ إن برنامج العمل ينقسم إلى قسمين، هناك ما هو متعلق بكم، فعليكم حضرات السادة أن تنتخبوا في اقرب الظروف رئيس مكتبكم، وتكونوا لجنكم وفرقكم، وحينما ينتهي هذا العمل الذي أرجو ألا يستغرق ذلك أكثر من أسبوع أو عشرة أيام، يأتي دوري الدستوري، وآنذاك سأستدعي أفراد الكتلة، وبعد ذلك استدعي أفراد الوفاق، للتباحث وإياهم هل يريدون أن يشاركوا في الحكومة؟ وإذا أراد واحد منهم أن يشارك في الحكومة فليعطنا برنامجه ونراه ونعين آنذاك الوزير الأول الذي سيأتي أمامكم حضرات الأعضاء المحترمين ليطلب منكم التزكية، فإذا أنتم زكيتموه سار بالحكومة إلى الأمام وبمن شارك فيها من كتلة أو من وفاق، وإن انتم لم تعطوه التزكية أو أعطيتموها له بإدخال بعض النقط فيها سار كذلك على ما يريده الجميع.

وهكذا ترون حضرات السادة أن دور الجميع واضح لا غبار عليه، ينتظر منا فقط الجهد الجهيد والعمل الجدي والمستمر، وهنا أريد أن اقول كلمة فيما يخص القانون الداخلي لمجلسكم الموقر، أن الدستور ينص أن على الحكومة أن تقف أمامكم كل يوم أربعاء من كل أسبوع لتناقش من طرف المنتخبين أمام الوسائل المرئية والسمعية، وهذا واجب على الحكومة ستطبقه، وواجب عليها أن تطبقه وتقوم به، ومن جهتكم أنتم أرجو منكم أن تدخلوا على قانونكم الداخلي إصلاحا يكون من شأنه المشاركة الكثيفة مع جميع المنتخبين، لأن عدم المشاركة يحز في النفس، ولا يعجب العين، وهو شائن كذلك بنا من الناحية الدولية.

هذه حضرات السادة هي الكلمات التي كنت أريد أن أوجهها إليكم. ومرة أخرى أهنئ السيدتين المحترمتين اللتين هما هنا لتمثلا المرأة المغربية بما تتحلى به من رزانة وحكمة وتطلع إلى أسرة احسن تماسكا، وأحسن تربية، وإلى جيل يكون في مستوى المسؤوليات التي تنتظر بلدنا.

ربنا لم نسألك قط إلا أعطيت، ولم نتوجه إليك إلا أكرمت، ولم نطلب منك شيئا إلا لبيت لا إله إلا أنت، ياحي ياقيوم برحمتك نستغيث ونستمطر.

والسلام عليكم ورحمة الله