تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 09/10/1970 :خطاب صاحب الجلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان :السنة التشريعية 1970 - 1971

08/10/1970

  الحمد لله والصلاة والسلام عل مولانا رسول الله
 
 حضرات أعضاء مجلس النواب :
 
 يسرنا ببالغ السرور أن ندشن أعمالكم بافتتاح الدورة الأولى من دورات مجلسكم الموقر، عملا بالدستور الذي أصدرنا الأمر بتنفيذه منذ أمد قصير، وأن نزف إليكم بمناسبة هذا الافتتاح تهانينا للثقة التي وضعها الناخبون فيكم جميعا.
 نصيحة سامية:
 وإننا نريد بادئ دي بدأ أن نوجه إليكم نصيحة نرى من الواجب علينا توجيهها إليكم:
 نريد منكم معشر النواب أن تعتبروا أنفسكم نوابا للأمة جمعاء، لا نوابا لمن انتخبكم ولا غير نواب لمن عارضكم أو لمن خاصمكم، فأنتم تنوبون عن الجميع، تنوبون عن مقاطعاتكم، تنوبون حتى عن خصومكم، لأن الشورى في الدين الإسلامي والأمانة الكبرى والأمانة العامة تقتضي من كل من يزاولها أن يتناسى، وأن يترفع، وأن يعمل للجميع، لأن الوطن غفور رحيم، ولأن الديانة الإسلامية السمحة كانت دائما مبنية على التسامح والتصافي والتوادد.
 واجبات النواب:
 نريد منكم أن تعلموا أن الناخبين الذين انتخبوكم إيمانا منهم بأنكم تعرفون حقائق الأمة، وحقائق الوطن اكثر ما تكون المعرفة لتلك الحقائق.
 انتخبوكم لأنهم يؤمنون بأنكم تعلمون حاجياتهم وتقدرونها وتعرفونها.
 انتخبوكم لأنهم لمسوا فيكم النزاهة وعرفوا فيكم الاستقامة والدفاع عن الأمانة.
 فما هو يا ترى دوركم الآن عندما تبتدئون أعمالكم؟ دوركم هو ألا تخيبوا تلك الظنون، وذلك بإظهار كم، معرفتكم الحقيقية بالضروريات والحاجيات وما تقتضيه الدولة وما يقتضيه الوطن من عمل وكد واجتهاد.
 ولكن علينا أن نتساءل: إننا قد نعرف الحاجيات، وقد نقدر المتطلبات، فهل لدينا الإمكانيات للقيام بها؟ هل لدينا الإمكانيات لإنجاز ما نريد أن ننجز؟
 فعليكم إذن، زيادة على معرفتكم الحقيقية للحاجيات، أن تزودوا هذا البلد الأمين بالإمكانيات الضرورية. فإذا كنا نحن منذ الاستقلال نتتبع سياسة إمكانياتنا، فأملنا في الله أن توجد لدينا إمكانيات سياستنا.
 سياستنا ديمقراطية:
 فسياستنا كما تعلمون مبنية على الديمقراطية، ولا أود استعمال هذا اللفظ، لأنني كنت أود أن أجد في اللغة العربية الفصحى القحة ما يوازيه أو ما يماثله، لأن الإسلام جاء بالديمقراطية، وإن لم يسمها بهذا الاسم، ولكن الاشتراكية الإسلامية والديمقراطية الإسلامية لم تكن لتنتظر الديمقراطية الأوروبية المستوردة حتى يعمل بها في الديانة الإسلامية وفي الأمة الإسلامية.
 الديمقراطية التي نريدها:
 فالديمقراطية التي نريدها لأمتنا ديمقراطية لها مفهوم صحيح ودقيق، ألا وهو الازدهار الاقتصادي والنهوض الاجتماعي ازدهار اقتصادي مبني على الإنتاج والمبادلات، لا في إطار الدولة والمغرب فحسب، ولكن على الصعيد الدولي والصعيد الجهوي.
 الازدهار الاجتماعي وهو محق الطبقيات:
 لا أريد أن أرى في هذه الأمة الغني والفقير، ولكنني أريد أن أرى المغربي الكريم العزيز الذي يحمد الله سبحانه وتعالى وبلده على أن وفر له رغد العيش والطمأنينة والأمن والسلام والتعليم والصحة والسكن والشغل والطعام.
 نريد النصح والنصيحة.
 نريد منكم معشر النواب النصح والنصيحة.
 نريد منكم الأخذ والعطاء.
 فأنتم ستأخذون من حكومتنا وسوف تناقشون ما سوف تعطيكم، ولكن نريد أن نأخذ منكم، تعطونا فنأخذ منكم، آتونا بالمشاريع، فهمونا بوضع العمالات والأقاليم التي تنوبون عنها.
 حوار مثمر:
 آتوا بمشاريعكم وبرامجكم حتى يكون الحوار بيننا وبينكم حوارا مثمرا وحتى يكون المد والجزر لا المد وحده ولا الجزر وحده.
 طابع الدولة :الدوام والاستمرار:
 إننا نريد منكم ألا تفكروا في الست سنوات فحسب التي سوف تجلسون خلالها في هذا المجلس، ولكن نريد قبل كل شيء أن تفكروا في الذين سيتلونكم في هذا المجلس حتى لا يكون عملكم مقصورا على مدة وجيزة أو على أشخاص معينين، ولكن أن يكون عملكم متصلا ذلك الاتصال وذلك الدوام الذي هو طابع الدولة واستمرار الدولة ومصالح الدولة العمومية.
 وأخيرا أرجو الله سبحانه وتعالى أن يمدكم بعونه ويجعلكم أهلا للثقة التي وضعها فيكم ناخبوكم، وأحسن الختام أن نقرأ الفاتحة جميعا عسى الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطانا ويهدينا سواء السبيل