تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 12/10/1990 :خطاب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 1990-1991

12/10/1990

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحب

حضرات السادة:

إن الخطاب الذي سأوجهه إليكم اليوم يختلف اختلافا كبيرا عما سبقه من الخطب، ذلك أننا ونحن نتداول مشاكلنا ومصالحنا وقضايانا لا يمنعنا هذا من أن نكون عضوا عاملا في أسرتنا الكبرى، الأسرة العربية والتي هي أكبر منها: الأسرة الإسلامية، فمن الواجب علينا ومما أعده فرض عين أن يتداول كل مسلم وكل عربي مشاكل إخوانه كانوا في الشرق أو الغرب في الشمال أو في الجنوب.

كلكم يعلم المأساة التي تعيشها أسرتنا، ذلك لأنني أعتقد كما تعتقدون أننا منذ نعومة أظافرنا ومهما تقلب علينا من الأحداث لم نر ولم نشاهد- كما هو اليوم- الخلاف محتدما بين جميع أطراف هذه الأسرة، بل سار بنا الخلاف وسارت بنا الخلافات حتى أنه في التجمعات الجهوية أو الإقليمية التي كنا نعتقد أنها ستصبح بمثابة الإسمنت للجامعة العربية ظهر التصدع، وهذا التباين في الرأي وهذا التباين في الموقف والأخطر من ذلك وذاك أن هذه الحالة التي نعيشها جاءت في إبان لم نكن ننتظره، بل كنا ننتظر أن العرب سيأخذون حظهم من هذا الاستبشار العالمي الذي أصبح يسود الشرق والغرب، كنا نأمل أننا سنجد المجال لنفسح لعبقريتنا و تعدديتنا في اللغات والأجناس والقارات ولمن سيخلفنا من أبنائنا المجال اللائق بنا، المجال الصالح لأن نسبح ونحلم وننتج ونعمل ونخلق ونبدع.

وكم كانت هذه الخيبة حينما رأينا وحينما نرى أنه في الوقت الذي يفكر فيه الكل في التجمع وفي الاتحاد وفي التعاون المثمر لانفعل نفس الشيء نحن الذين هم أبناء لغة واحدة، تلك اللغة التي أرادها الله سبحانه وتعالى لكتابه العظيم، تلك اللغة التي إن دلت على شيء فإنها تدل على حيوية من يتكلم بها، إننا نتكلم بها كما تكلم آباؤنا وأجدادنا منذ أحقاب وقرون، يجمعنا الدين والدم، وجمعتنا المصائب، وجمعتنا كذلك الملامح، وجمعتنا الشكوك، وجمعتنا الأحلام والآمال، وجمعنا كذلك ما حققناه من أمجاد واستقلالات وتحريرات ومن إرجاع للدول كامل السيادات، فما هو الواقع يا ترى في منطقة الشرق.
كما تعلمون حضرات السادة حينما يكون لي الافتخار والاعتزاز بالحضور في مجلسكم الموقر هذا، وحينما أقول الافتخار والاعتزاز أقول، افتخار المواطن واعتزاز الأب المسؤول بالجميع، جميع الهيئات كيفما كانت اتجاهاتها السياسية أو الفكرية، وحينما أحضر بينكم أحاول أن أتناول موضوعا لأقول لكم نظري فيه دون أن يكون ذلك بمثابة برنامج أو بمثابة تخطيط، بل تكون في غالب الأحيان أفكارا وتخمينات لكم أن تأخذوا منها.

ما ترون ولكم أن تؤجلوا منها ما ترون، ولكم أن تتركوا منها نهائيا ما ترون، فالشيء الذي سأقوله لكم موجزا، كيف أرى قضية الشرق الأوسط، أريد منكم أن لا تعتبروه مخططا ولا برنامجا مفصلا لحل مشكلة أو لفض خلاف، فما هو إلا وصف نزيه محايد لما أراه ولما أعتقد أنه موجود من وراء الستار الأول والستار الثاني والستار الثالث.

حينما وقع احتلال الكويت من طرف العراق كان موقفنا واضحا لا غبار عليه، موقف يجعل المغرب لا ينحاز لهذا ولا لذاك، إن المغرب يتفهم مشاكل العراق ويتفهم مطالب العراق، ولكن المغرب كما كان دائما لا يعتبر أن اكتساح السيادات أو استعمال القوة من شأنه أن يكون منبعا لأي حل سياسي دائم، وكان موقفنا آنذاك ظاهرا وواضحا رغم ما قيل أو كتب عنه.

ولكن حينما أرسلنا مبعوثا خاصا إلى فخامة الرئيس صدام حسين أعرب لمبعوثنا بحرارة وحماس عن أن التقدير الذي يكنه لملك المغرب هو التقدير الذي كان، وأن الصداقة التي جمعتنا بالماضي هي الصداقة التي تجمعنا الآن، ومن طرفي كذلك أؤكد هذه العواطف، وأقول إن احترامي للسيد صدام ما زال قائما وما زالت صداقتي معه قائمة، ومن ثمة ويا للأسف عوض أن تبقى المذاكرة عن الرجوع للشرعية ثم مناقشة المطالب حتى يمكن أن يفرز منها ما هو مشروع وما هو مرغوب فيه وما هو ليس له أساس " أصبحت الصحف والإذاعات كل واحدة تزيد الزيت على الجمر، تقف بجانب هذا، وتقف بجانب ذاك، ومما يؤسف له أننا كنا نود أن تبقى هذه الإنحيازات في أعلى مستوى، أي في المستوى الحكومي وفي مستوى رؤساء الدول، لكن مع الأسف، ولكن لكل أحد حريته في بعض الأحيان، نزل الشعب للشارع، وأخذ الشعب في هذا البلد أو ذاك، وهو الشعب الذي من واجبه أن يربط بيننا حين نختلف، يقف في الشارع وبالشعارات مع هذا ضد هذا، والعكس بالعكس، والحالة أننا حينما نختلف نحن الرؤساء أين هو ملجأنا؟ وما هي محكمة الاستئناف بالنسبة لنا؟ إنها أسرتنا الكبيرة، أي شعوبنا التي تقول " الله يلعن الشيطان ". وأنتم تعلمون أن هذه الظواهر في الشرق مع الأسف عندها أهمية كبيرة، فالراديو والصحف لها والعياذ بالله وقع في النفوس أكثر من الحسام وأكثر من الرماح، وأصبح البعض يقول لماذا استدعت المملكة السعودية القوات الأجنبية؟ ولماذا أتت هذه القوات الأجنبية؟ ولماذا كذا ولماذا كذا؟

هذا لم يكن من شأنه أن ينقص من الحرارة ولا أن ينقص من التوتر، إن كان لكل بلد حر ذي سيادة الحق في أن يستغيث بمن أراد، ومرارا سمعتموني أقولها وسمعتها منكم وسمعتها من شعبي، لأن أذني على فم شعبي، إنه بالنسبة لحماية الوطن يمكن لإنسان أن يتعامل حتى مع الشيطان، وبدت الأمور تتضخم، وتدخلت هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتقرر إرسال القوات المتعددة الجنسيات، وتقرر الحظر و الحصار، و أصبحنا اليوم نعيش أمام تيارين: تيار يقول: لا بد من الحرب حتى ننهي هذه المشكلة ونقلع هذه الشوكة التي ستبقى مسددة نحونا، ونعني بهذا دول الخليج، ولها الحق في أن تتخوف، ومن حقها أن تتخوف، وهناك من يقول يجب أن نعمل من أجل الحل السلمي، لأنه سيوفر علينا عدة مشاكل ومتاعب.

أقول أنا شخصيا ليس لي اختيار في هذا الباب، ولكن إذا كان عندي ميل فأعتقد أن الحرب مثل الكي، هي آخر الدواء، فما هي أبعاد الحرب؟ إن أبعاد الحرب هي أنها لن تقتصر على ساحة القتال الجغرافي، فالحسابات في الشرق الأوسط كثيرة جدا بين الدول وبين الأحزاب وبين الطوائف الدينية وبين السلالات.

فإذا كانت هناك حرب فستصبح بمثابة الفتيل الذي سيسمح لكل واحد أن يصفي حساباته مع الآخر، فلن يمكننا أن نجعلها حربا محدودة الأهداف، و إلى جانب ذلك ستتخذها إسرائيل سببا وذريعة لتخلط الجميع، و لتحارب من رفع الرأس أو أظهر أنه ذو شوكة، وإذا كانت الخسائر ستقع بالجيوش الأمريكية و الفرنسية و الإنجليزية والأخرى فإنها ستقع في الرجال والعتاد فقط، أما بالنسبة للعرب فستقع في الرجال والعتاد والمنشئات والأرض والمدن، القرى والمصانع والحقول سواء الفلاحية أو النفطية،، ستخرج الجيوش من هناك، ولكن سيبقى لمدة عشرين أو ثلاثين سنة الرماد المترتب عن ذلك التدمير وعن تلك الحرب.

وما هي الناحية الجاذبة للحل السلمي؟ بالطبع كل حل سلمي ذو جاذبية وليتحقق الحل السلمي لابد أولا من أن ترجع الأمور إلى ما كانت عليه، فلا بد للعراق أن يرجع إلى حدوده، وأن ترجع المشروعية إلى الكويت، وآنذاك يمكن إما عربيا و إما إسلاميا و إما دوليا على حسب اختيار المتحاربين أن يتفقا على لجنة قضاة أو حكام أو حكماء، للنظر في أسباب هذه الحرب، ولخلق المناخ للمستقبل، وللحد من التوتر، وإعطاء كل ذي حق حقه، ولخلق علاقات متميزة وطيدة جدا بين كل من العراق والكويت، أما غير هذا فيجب علينا أن نكون واقعيين، فنحن نعلم أن خصوم العراق ليسوا في الدول العربية فحسب، بل هم خارج الدول العربية، ولكن أكثر الناس عداء للعراق بعض الدول العربية، وتلك الدول العربية هي التي تزيد في الطين بلة، وهي التي ستصبح لا قدر الله هدفا آخر لأن ينقض عليها أي أحد اعتقد أن مصالحه قد هددت، فمن هنا أقول لصديقي فخامة الرئيس صدام حسين لا تنس أن الكويت والعراق والمنطقة التي يقعان فيها يمثلون تقريبا ثلثي احتياطات الطاقة في العالم، وهذا يجب أن يعلمه، فهداك الله أخرج من هذه الورطة من باب واسع، ومن باب الشرف، ها أنت قد ربطت بين المشكلة وبين مصير القضية العربية الإسرائيلية، ويكفيك أن الضمير العالمي قد استيقظ، ويكفيك أنه حتى الذين كان لا يقبلون بالمؤتمر الدولي يقولون به اليوم صباح مساء، أما إذا أنت ربطت زمنيا يا أخي صدام خروجك في الكويت بحل المشكلة العربية الإسرائيلية فستكون قد أقبرت القضية العربية الإسرائيلية إلى ما لا نهاية له، أطلب منا جميعا واطلب من أصدقائك وخصومك، واطلب من النصارى ومن المسلمين ومن اليهود، اطلب من جميع الأجناس في جميع القارات، واطلب منهم التزاما أدبيا، التزام فضيلة وكلمة شرف وميثاق شرف، أنه بمجرد ما يشرع في حل قضية الكويت والعراق سيشرع في النظر في قضية العرب وإسرائيل، لا بد أن يكون الارتباط الأدبي و المعنوي بينهما ارتباط المساواة، لماذا تجند مجلس الأمن في ظرف خمسة عشرة يوما في قضية الكويت والعراق؟ ولماذا ظل الرأي العام العالمي نائما منذ أربعين سنة على جميع المقررات التي هي في صالح الفلسطينيين والأمة العربية؟ فأرجوك أرجوك يا أخي صدام، أرجوك ألا تربط هاته بتلك زمنيا فيكفيك- وقد نجحت في هذا- أنك ربطت بينهما خلقيا ومعنويا ومنهجيا، ووفر علينا كارثة الحرب، واترك أولادنا يلعبون كل صباح ويرتعون كإخوانهم في العالم، اترك شبابنا يتطلع إلى عالم لم يبق فيه شرق ولا غرب، ولا منهجية تحارب منهجية، اترك شبابنا ورجالنا ونساءنا وأطفالنا يحلمون بغد كله اجتهاد وجهاد، لغد العمل والتكنولوجية والاخوة و التآخي.

أما من جهة أخرى فمن العدل والإنصاف فيما إذا نحن اتجهنا إلى الحل السلمي أن تطلب المملكة العربية السعودية ودول الخليج اتخاذ ما تراه في صالحها بكل حرية، و أن تتوفر على الضمانات المادية و المعنوية للحفاظ على سلامتها، وللعمل على ألا يتكرر مثل هذا الأمر.

هذا حضرات السادة كما قلت لكم ليس برنامجا و لا مخططا، بل هذا ما أفكر فيه كمواطن عربي، وهذا حظي كما يجب أن يكون لكل واحد منكم حظ واجتهاد، لأنها أسرتنا الكبرى ونحن الأسرة الصغرى للأمة العربية، فمن التقاعس والخذلان ألا نحاول و ألا نجتهد، إذا كان في كلمتي هذه ما نال- ربما- من حساسية بعض الإخوان الملوك أو الرؤساء في الدول العربية أو ربما أساؤوا فهم ما قلته فمسبقا اطلب لهم المعذرة، وأقول لهم أنا لست منحازا إلا للحق والمشروعية، ومنحاز كذلك للبحث عن السلام لا للبحث عن الاستسلام.

ومن مصلحة العراق أن تفهم أنه إذا كان هناك حرب فستكون هي الخاسرة عسكريا، و هذا شي أراه أمامي كأنه اليوم، و بعد الاستسلام ستصبح حماية دولية على العراق بكيفية أو بأخرى، إما في شكل انتداب كما كان على سوريا ولبنان وإما في شكل حماية وإما في شكل نزع سلاح أو تقليصه للدولة العراقية لمدة سنوات وسنوات، هكذا أرى المسألة، بحيث أرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدينا كلنا، وأن لا يجعلنا فاقدي الذاكرة، وأرجو منه سبحانه وتعالى حينما تنقشع هذه السحابة أن ننساها، لأن تذكرها ليس فيه أدنا مصلحة ولا نقير ولا قطمير من المصلحة لنا ولا لمن سيخلفنا.

ولكن علينا أن نعلم أنه كيفما كانت الخاتمة حربا أو سلما فسنصبح كالعالم بأسره لمدة طويلة، وبالأخص من الناحية الاقتصادية، نؤرخ بما قبل الثاني من غشت 1990، وبما بعد ثاني غشت 1990 ,لأن المقاييس تغيرت، والناس شعروا بأخطار أخرى والأزمة تركزت.

فالدول غير العربية ربما ستؤرخ لما قبل غشت وما بعد غشت لمدة عشر سنين، هذا اعتقادي شخصيا، أما الدول العربية فأخشى أن تبقى تؤرخ بما قبل غشت وما بعد غشت بالعقود، إما بعشرين وإما بثلاثين سنة وهذا يرجع بنا إلى مشاكلنا في الداخل.

عليكم أن تعلموا حضرات السادة أن القانون المالي سيعرض عليكم في القريب، وأن الحالة ليست مرتبطة بالمغرب فقط، بل هي حالة تغطي الدول كلها كبيرها و متوسطها وصغيرها، فأريد منكم أن تأخذوا بعين الاعتبار هذه العناصر التي هي خارجة عن كل مذهب وعن كل حزب أو كل تفكير.
هذه حقائق نزلت علينا نعيشها كما يعيشها العالم كله، وليس معنى هذا أننا لن نعمل للتغلب عليها، بل ولكن كما أقول إن الله سبحانه وتعالى أعطانا أكبر رزق، أعطانا الاكتفاء الذاتي الفكري، والمغربي ليس متخلفا، المغربي يبحث دائما عن ضالته المنشودة، ويبحث عن الحقيقة، ويبحث عن العمل، ويبحث عن الإنتاج، فقد أعطانا الله الاكتفاء الذاتي والفكري والبشري، وسيعطينا في القريب الاكتفاء الذاتي في مأكلنا ومنتوجاتنا الفلاحية، وسنبحث إن شاء الله عن الاكتفاء الذاتي فيما يخص الطاقة.

وسأرفع إلى البرلمان بعد قليل التقرير الذي وصلني من خبراء حول الحجر النفطي برؤية اليوم ليتدارس هذا الموضوع، ويمكنني أن أقول لكم إنه مليء بالبشائر، وإننا إذا سرنا على مخططه فسيمكننا في ثلاث أو أربع سنوات أن نحقق الاكتفاء الذاتي من ناحية الطاقة.

لماذا؟ لأن برميل النفط الحجري الذي سيكلف تقريبا ما بين أربعة و عشرين و خمسة و عشرين دولار سيكون صالحا لنا للاستهلاك، بحيث ليس فيه خسران بالطبع إذا نحن بدأنا في ترويجه قصد بيعه فسنخسر فيه، لأن الربح فيه لن يكون كبيرا، ولكن إذا نحن لم ننتج غير الخمسة ملايين من الأطنان الكافية لنا فسنكون رابحين بكثير فيما يخص ثمن البرميل الذي يناهز اليوم الأربعين دولارا.

ولا أظن أن البرميل سينزل تحت ثلاثين أو خمس و ثلاثين دولار، وهذا التقرير أعتبره بشارة تهم الجميع، وسنوزعه على جميع الأعضاء وليس على الفرق فقط، حتى يمكنهم تدارسه وبحثه، وحتى يروا بأنفسهم معنا أن المستقبل ولله الحمد فيه شيء ما من اليناعة وشيء ما من الألوان الداعية للاستبشار و التفاؤل.

قبل أن أختتم هذه الجلسة- حضرات السادة ـ أريد أن أذكركم بشيء واحد، هو أن الدستور واضح، والدستور يوليكم مسؤوليات، ولستم في حاجة إلى التساؤل في تناول مسؤولياتكم.

لقد تتبعت كما تتبع المغاربة كلهم النقاش الحاد والنافع والمثمر الذي جرى بينكم حينما طرحتم ملتمسا للرقابة، والدستور يقول لكم إنه يمكنكم أن تطرحوا ملتمسا للرقابة يوميا إذا أردتم، فالغريب ليس هو أنكم طرحتموه في الدورة الماضية، بل هو أنكم لم تطرحوه إلا مرتين في حياة هذا البرلمان، فأنا أيضا أريد أن أسمع أن حكومتي في وضع حرج شيئا ما، وأريد أن أرى حكومتي تفكر في الليل في كيفية الرد على فلان، لأنهم إذا كانوا هنا فليس لأنهم أحسن منكم، فلا فرق بين عجمي وعربي ولا فرق بين الجالس في هذه الجهة أو في الوسط أو في جهة أخرى، كلكم أبناء هذا الوطن، كلكم برهنتم على تشبثكم بهذا الوطن، لكن إن المغاربة بالنسبة لي كلهم سواسية، من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وزاد الصحراء مغربية فهو بالنسبة لي مغربي، والذي ما زال مصرا على القول إن الصحراء ليست مغربية ولو تقوم قيامة جميع الهيئات الدولية لمناصرة فلان وفلان بالله الذي لا إله إلا هو لا أنا ولا أنتم لا نسمع منه شيئا.

وعلى ذكر الصحراء وسيكون الختام مسكا، لقد تلقيت جواب الأمين العام عن التقرير الذي وجهه إلي، وقد أعطيت أوامري ليوزع تقريرنا ومذكرتنا وموقنا القانوني بحججه ابتداءا من الغد أو يوم الاثنين إن شاء الله، ويمكن للرئاسة أن تعطيه إما للأحزاب وإما للفرق وإما للأشخاص كما تريدون، وسوف ترون أننا ولله الحمد وجريا على عادتنا و احتراما لروح آبائنا وأجدادنا ولشعبنا القديم والحديث في آن واحد ولتاريخنا المجيد "ما فرطنا في الكتاب من شيء" ونستسمح ربنا، وإن موقفنا هو الموقف المبني على المصداقية القانونية وعلى الحجج التاريخية و البشرية، و قبل كل شيء على نبذ الروح التوسعية، فلا نريد إلا ما لنا لإسعادنا و إسعاد من حولنا.

والله سبحانه وتعالى يقوينا جميعا، ويلهمنا حسن الرأي وسديد الاختيار، لأن العالم العربي والمغرب لم يكونا أحوج من اليوم إلى الرأي السديد والعمل الحكيم والاختيار الملائم.

والسلام عليكم ورحمة الله