الرباط 2009/07/09 : خطاب السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة اختتام دورة أبريل 2009

09/07/2009

بسم الله  الرحمن الرحيموالصلاة  والسلام  على أشرف المرسلين  وعلى آلهوصحبه أجمعين   السيد الوزير الأول المحترم. السيدات والسادة الوزراء المحترمين.السيدات والسادة النواب المحترمين.   نختتم اليوم على بركة الله وحسن عونه من خلال هذه الجلسة، الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الثامنة، مثمنا المجهود المبذول والتحلي بروح المسؤولية التي أبانت عنها جميع الفرق النيابية وأجهزة المجلس من مكتب ورؤساء فرق ورؤساء لجن، من خلال تعاملهم اليــــومي الإيــــجابي مـــع مــختلف الملفات والقضايا ذات الصـــلــة بالعمل النيابي، بالرغم من  أجواء الانتخابات الجماعية التي ألقت بظلالها على سير أعمال المجلس.نعم، إننا نختتم هذه الدورة في ظل أجواء انتخابات جماعية جديدة نظمتها بلادنا، انطلق مسلسلها في 12 يونيو 2009،وهي الانتخابات التي مرت في ظل قوانين انتخابية جديدة ناقشها وعدلها وصادق عليها مجلسنا الموقر في جو من المسؤولية والحرص على المصلحة العامة.   لقد شكلت هذه الانتخابات الجماعية حلقة جديدة في  مسار تثبيت الديمقراطية المحلية ببلادنا، حلقة نتمنى أن تعزز سياسة القرب، ودعم الحكامة الجيدة، والقدرة على الابتكار.وهي أيضا المحطة التي عززت حضور المرأة على المستوى المحلي بشكل متميز ومشجع، وجعلتها في خطوة غير مسبوقة في قلب التدبير الجماعي، كما مكنت من إفساح المجال أمام الشباب سواء كناخبين أو منتخبين.ونتمنى صادقين أن تمر بقية الاستحقاقات المقبلة المتمثلة في انتخابات الغرف المهنية ومجالس العمالات والأقاليم والمجالس الجهوية، في ظروف أحسن من التي سبقتها، بغية الوصول إلى مؤسسات تمثيلية محلية قوية ومنسجمة، مؤسسات قادرة على المساهمة الإيجابية  في مشاريع التنمية التي تعرفها بلادنا،-مــــؤسســـات تـــحــــمي بعملهـــا المرتبـــط بالحياة اليـومية      للمواطنين، مناخ الانفتاح وإرجاع الثقة ؛  - مؤسسات قادرة بفضل مجهود الفاعلين فيها على دعم     المشروع الديمقراطي المجتمعي الحداثي الذي يقــــــوده        صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.    السيد الوزير الأول المحترم. السيدات والسادة الوزراء المحترمين.السيدات والسادة النواب المحترمين.   بالرغم من الظروف الضاغطة التي فرضتها الانتخابات الجماعية، وانعكاساتها المباشرة على سير مؤسستنا النيابية، فقد واصل مجلسنا الموقر عمله سواء على المستوى التشريعي والرقابي، أو على مستوى الديبلوماسية البرلمانية.فعلى المستوى التشريعي صادق المجلس على مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، كما صادق على مشروع القانون المتعلق بنقل المدارس العليا للأساتذة التابعة لقطاع التربية الوطنية إلى الجامعات.كما أنهت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية دراسة ومناقشة ثلاثة اتفاقيات دولية، تتعلق اثنتان منها بتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الجبائي في ميدان الضرائب على الدخل، بينما همت الثالثة التصديق على ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي الموقع بدكار.ومن جهتها قطعت  لجنة القطاعات الإنتاجية مراحل مهمة في دراسة مواد وفصول مشروع قانون رقم 08-01 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكين، وهو المشروع الذي يستأثر باهتمام المواطنين ومنظمات المجتمع المدني لكونه ربيط الصلة بالحياة اليومية للمواطنين إذ هو الإطار القانوني الذي يعزز حماية المستهلك ويعمل على ضمان حقوقه.كما أنهت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان دراسة مشروع قانون رقم 08-13 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، وهي الآن في مرحلة تلقي التعديلات المقترحة على النص من مختلف الفرق والمجموعات النيابية.كما توصل المجلس من الحكومة بمجموعة من النصوص القانونية المهمة تعذر على اللجان الدائمة بالمجلس برمجتها نظرا لظروف الاستحقاقات الجماعية التي سبقت الإشارة إليها، ولا شك أن هذه النصوص إلى جانب مشروع القانون المالي ستشكل مادة تشريعية مهمة بين يدي المجلس في الدورة الخريفية المقبلة، يتعين علينا جميعا التحضير لها والاستعداد بما يكفي لمناقشتها وإدخال التعديلات اللازمة على موادها وفصولها، قبل المصادقة عليها.ومن جهة أخرى لابد لي أن أثمن المبادرات الجادة للفرق النيابية فيما يتعلق بالاجتهادات التشريعية  خلال هذه الدورة ممثلة في المقترحات قوانين التي  تقدمت بها، رغم الظروف الضاغطة المشار إلها سابقا.وهكذا توصل المجلس خلال هذه الدورة بمقترحين قانونين إثنين يتعلق الأول بتعديل المادة 5 من القانون رقم 04-36 المتعلق بالأحزاب السياسية، بينما يرمي الثاني إلى تغيير الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1-76-350  المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية الاقتصاد الغابوي.وتفعيلا لمقتضيات المادة 35 من النظام الداخلي للمجلس والمتعلقة بالدور الاستطلاعي للجان الدائمة، نظمت هذه الأخيرة عددا من المهمات الاستطلاعية  بتنسيق مع مكتب المجلس، همت الوقوف على سير عدد من القطاعات الحكومية ذات الأهمية البالغة، وأدعو بهذه  المناسبة اللجان الدائمة المعنية إلى ضرورة الإسراع بوضع تقاريرها الاستطلاعية تطبيقا لمقتضيات نظامنا الداخلي وتعريفا بهذه الأعمال من جهة، ودعما لتوثيق العمل البرلماني في هذا المجال البالغ الأهمية من جهة أخرى.        كما تجدر الإشارة إلى جلسات العمل التي عقدتها العديد من اللجان الدائمة بحضور السادة الوزراء المعنيون، تدارست من خلالها عددا من المواضيع همت على الخصوص :          -أوضاع الجالية المغربية المقيمة بالخارج ؛          -دراسة تطورات قضيتنا الوطنية ؛                   -استكمال دراسة الوضع المتقدم الذي منح    للمغرب من طرف الاتحاد الأوروبي ؛                   -حصيلة عمل الديبلوماسية المغربية خلال القمتين    العربيتين بالدوحة والكويت؛                  -مناقشة نتائج  الفريق الوطني لكرة القدم.    ولابد لي أن أنوه  هنا بالحكومة لإشراكها المجلس في الإعداد التشاوري حول "إصلاح القضاء" وهو حرص مشكور منها على إشراك الفاعلين البرلمانيين في إطار الاستشارات الواسعة التي تقوم بها وزارة العدل حتى يكون هذا الإصلاح عميقا وشاملا وناجعا تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الإطار.                  وفي مجال  المراقبة وبناء على مقتضيات الدستور والنظام الداخلي للمجلس توصل المجلس ب 286 سؤالا شفويا تمت الإجابة عن 308 سؤالا تم طرح بعضها على شكل أسئلة شفهية آنية، في حين بلغ عدد الأسئلة الكتابية 584 تمت الإجابة عن 527 منها. وقد ساهمت هذه الأسئلة في اغناء النقاش وتقوية الحوار   الرقابي بين الحكومة والمجلس حول مجموعة من القضايا والمواضيع همت جميع القطاعات الحكومية.   السيد الوزير الأول المحترم. السيدات والسادة الوزراء المحترمين.السيدات والسادة النواب المحترمين.           لقد أولى  المجلس على الدوام جزء هاما من اهتماماته للديبلوماسية البرلمانية، انطلاقا من كونها تشكل إحدى المجالات الحيوية لعملنا النيابي، وانطلاقا كذلك من دورها الداعم والمعزز  للديبلوماسية الرسمية.         ومن تم فإن الرئاسة مع مختلف أجهزة المجلس من مكتب ورؤساء فرق ورؤساء لجن، لواعون بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم في هذا الإطار، هذه المسؤوليات التي أخذت تتعاضم بفعل سمعة المغرب ومصداقيته، واتزان قراراته وحسن اختياراته، بفضل حنكة وبعد نظر جلالة الملك وتبصره، مما يفرض علينا كممثلين للأمة تعزيز حضور المغرب في الساحة الدولية والدفاع عن قضاياه الحيوية.        وقد شكلت قضية وحدتنا الترابية أهم انشغالاتنا الأساسية، وكانت محور نقاشاتنا في مختلف المحافل واللقاءات الديبلوماسية البرلمانية، ثنائية كانت أو متعددة الأطراف، مستندين على المبادرة الملكية السامية المتمثلة في مشروع الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية، والتي وُصِفَتْ  سواء داخل المنتظم الدولي أو في العواصم الكبرى المؤثرة في السياسة الدولية "بالمبادرة الجدية وذات المصداقية".        وإن المغرب المؤمن بعدالة قضيته، والحريص على جعل منطقة المغرب العربي، منطقة سلم وأمن واستقرار وتنمية مستدامة، يعم خيرها كافة شعوبها، ليتطلع بكل إخلاص إلى الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل في إطار الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي الجديد السيد كريستوفر روس.        وفي إطار مشاركات المجلس في العديد من التظاهرات البرلمانية الدولية خلال هذه الدورة، فقد ساهم عدد من السيدات والسادة النواب، في تعزيز حضورنا في كل من :         -اجتماع اللجنة السياسية التابعة للجمعية البرلمانية   للفرنكفونية المنعقدة بالللاووس ؛         -والمؤتمر الإفريقي العربي الثاني عشر بنجيريا؛        -والدورة العادية الأولى المستأنفة للبرلمان العربي     بالقاهرة؛        -المرحلة الثانية من الدورة العادية للجمعية البرلمانية      التابعة لمجلس أوروبا بستراسبورغ ؛         -واجتماع لجنة التعاون والتنمية التابعة للجمعية البرلمانية     للفرونكفونية بالبنين.        -وكذا المشاركة في مؤتمر برلماني حول الأزمة     الاقتصادية العالمية بجنيف.        -وفي اجتماع اللجنة الخاصة بالطاقة والبيئة التابعة   للجمعية البرلمانية الأورومتوسطة بالنمسا ؛         -والدورة الربيعية للجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال    الأطلسي بالنرويج ؛         -واجتماع اللجنة الخاصة بمراجعة النظام الأساسي  للبرلمان العربي الدائم بليبيا ؛              -واجتماع المجموعة الخاصة بالبحر الأبيض المتوسط    والشرق الأوسط التابعة للجمعية البرلمانية لحلف شمال                الأطلسي بإيطاليا ؛         -واجتماع لجنة القضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية  والتربية التابعة للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية بالقاهرة؛         -والمشاركة في المرحلة الثالثة من الدورة العادية  للجمعية البرلمانية التابعة لمجلس أوروبا  بفرنسا.        -واجتماع المكتب واللجان الدائمة للجمعية البرلمانية  الفرنكفونية بباريس.        ولا يفوتني أن أذكر باستقبال الرئاسة لعدد من الشخصيات البرلمانية أو الحكومية التي تربطنا ببلدانهم علاقات صداقة واحترام، وكانت هذه اللقاءات، إلى جانب أنشطة مجموعات الصداقة النيابية، مناسبة لدعم وتطوير علاقاتنا مع هذه المؤسسات والهيئات، ومناسبة أيضا للتعريف بالأوراش الكبرى المفتوحة في المغرب، في ظل التوجهات الانفتاحية الديمقراطية التي تعيشها بلادنا بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. تلكم حضرات السيدات والسادة، كانت حصيلة دورة نودعها، أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إغنائها من نواب ورؤساء فرق وأعضاء المكتب ورؤساء لجن، منوها بروح التعاون الذي أبانت عنه الحكومة وعلى رأسها السيد الوزير الأول المحترم، والمجهود المتواصل الذي يبذله السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، دون أن أنسى أطر وموظفي المجلس على حسن أدائهم، ولكل وسائل الإعلام على مواكبتها لأشغال مجلسنا وإبراز مجهوداته.   السيد الوزير الأول المحترم. السيدات والسادة الوزراء المحترمين.   السيدات والسادة النواب المحترمين.           نختتم هذه الدورة والشعب المغربي قاطبة يستعد للاحتفال بعيد العرش المجيد، وهو العيد الذي ظل يشكل على الدوام علامة بارزة، قوية ومعبرة على تشبث المغاربة بالملكية وبالعرش العلوي المجيد، ضامن وحدتهم واستقرارهم وازدهار بلدهم.         واحتفالات هذه السنة تتميز بمرور عشر سنوات على اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده عرش أسلافه الميامين، عشر سنوات تميزت بقيادة جلالته الحكيمة المتزنة والموفقة لسفينة المغرب في ظل أجواء إقليمية وجهوية ودولية غير مستقرة، استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.         وعند ما يحتفل الشعب المغربي بعيد العرش، فإنما يعبر عن تشبثه واعتزازه بالملكية التي كانت وستبقى على الدوام مصدر ثقة وأمل المغاربة في المستقبل.           واحتفالاتنا هذه السنة، بهذا العيد الرمز، إنما هو تقدير من هذا الشعب الوفي المخلص لعمل جلالته الدؤوب والمتواصل وهو يجوب مختلف أنحاء المملكة الشريفة شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، يناضل ويجاهد من أجل بناء مجتمع ديمقراطي حداثي متضامن، قوامه ضمان لحقوق والحريات، ضمان العيش الكريم لجميع أفراد شعبه في البوادي النائية كما في الحواضر.        إننا ونحن نحتفل هذه السنة بهذا العيد الرمز، إنما نعبر عن امتناننا وتقديرنا لمجهودات ملك رعى ووجه رؤية المغرب التنموية، -لملك خطط لانـــطـــلاق الأوراش الكبــــرى المهيكلة  للاقتصاد الوطني،-               لملك دعى لمقاربة جديدة للتنمية البشرية،-                لملك حمى ودَعَّمَ مختلف الأوراش الإصلاحية في هذا البلد الأمين.-لملك أبرز عبقرية المغاربة وقدرتهم على مساءلة ماضيهم    والتصالح معه بكل ما يلزم من شجاعة ومسؤولية.        إن الملكية في المغرب، كانت وما تزال وستبقى تاجا فوق رؤوس جميع المغاربة، رمزا يقوي اللحمة الرابطة بينهم شكلت على الدوام مصدر حفاظ على تعدديتهم و اثنيتهم، وجعلت منها قيمة مضافة لغنى وتنوع ثقافتهم وهويتهم.            وبهذه المناسبة، فإننا بقدر ما نعتز ونفتخر بهذه النعمة التي هي في الحقيقة رأسمال تابت ومتجدد للمغاربة جميعهم، بقدر ما نغتنمها مناسبة طيبة لتجديد بيعتنا في أمير المؤمنين ضامن وحدتنا الترابية وأمننا الروحي.وباسمكم جميعا نتمنى من الله عز وجل، أن يرعى بعينه التي لا تنام هذا البلد الأمين، وأن يحفظ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده حتى يحقق لشعبه كل أسباب التقدم والنماء والازدهار والرخاء، وأن يحفظه في ولي عهده الجليل الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه السعيد الأمير مولاي رشيد وكافة أعضاء أسرته الشريفة إنه عـــلى  ما يشـــــاء  قدير  و بالاستجابة  جدير. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.