تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 29/11/1979 :رسالة ملكية موجهة إلى مجلس النواب بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني

29/11/1979

تلاها السيد أحمد بنسودة مستشار المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول لله

(الطابع الشريف)

(بدائرته فالله خير حفظا، وهو أرحم الراحمين وبداخله الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه)

حضرة الرئيس

حضرات النواب المنتخبين

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد، ففي هذا الوقت الذي نحتفل كما تحتفل جميع أقطار المعمور باليوم العالمي للتضامن مع شعب فلسطين انطلاقا من قرار منظمة الأمم المتحدة ومن تأييدنا الدائم للشعب الفلسطيني الشقيق، يسرنا بالغ السرور أن نسجل يقظة الضمير العالمي وشعوره بأهمية الكفاح الفلسطيني من أجل حقوقه الثابتة المشروعة.

وليس بخاف عليكم أيها السادة المحترمون أن المغرب وقف موقفه المعروف من القضية الفلسطينية وهو لا يزال يئن تحت نير الاستعمار، فقد شارك في مختلف المؤتمرات التي عقدها العرب قبل وجود الكيان الصهيوني، وليس بخاف عليكم من جهة أخرى ما كان لوالدنا رضوان الله عليه من صلات وثيقة بالقادة الفلسطينيين الأولين الذين وقفوا حياتهم دفاعا عن أرض فلسطين العربية المسلمة وما بذله من جهود وقدمه من مساعدات إيمانا منه بما لهذه الأرض من منزلة في تاريخنا وحضارتنا ، وعندما قام الكيان الصهيوني وتم الاستيلاء على أرض فلسطين العزيزة وشرد شعبها وأقصي عن دياره، بادر والدنا طيب الله ثراه إلى استنكار هذا العدوان على الرغم من شدة وطأة الاستعمار على بلادنا، وظل دعم المغرب للقضية الفلسطينية مستمرا في جميع المجالات وبمختلف الوسائل والإمكانات، فلما استخلفنا الله على عرش أجدادنا المنعمين، واصلنا دعمنا لهذه القضية، وأعطينا لهذا الدعم حجما أكبر وأبعادا أوسع، فوثقنا علاقاتنا بمنظمة التحرير الفلسطينية ومتنا عرى الصداقة بقادة هذه المنظمة وتوالت اللقاءات بيننا وبينهم على مر الشهور والأعوام مستهدفة النصح والمشورة وتبادل الآراء.

وعندما انتهكت حرمة المسجد الأقصى واعتدي عليه بالإحراق، دعونا إلى أول مؤتمر إسلامي وانعقد هذا المؤتمر سنة 1969 في عاصمة مملكتنا وحضره كما تعلمون قادة المسلمين وزعماؤهم، وأخذ المسلمون منذ ذلك الوقت يولون كبير اهتمامهم للقضية الفلسطينية ويبذلون لها الدعم والتأييد، ثم عقد بعد ذلك في سنة 1974 مؤتمر القمة السابع للدول العربية وانتهت أعماله بإجماع هذه الدول على الاعتراف بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهكذا خطت الأمة العربية بأجمعها هذه الخطوة المباركة في أرض مملكتنا، وكان من آثار هذا القرار التاريخي أن كسبت منظمة التحرير الفلسطينية كسبا سياسيا ودبلوماسيا يعظم يوما بعد يوم.

ولم تقف جهودنا عند هذا القرار ، بل واصلنا السعي لدى الدول الصديقة ناشدين تفهمهم وتأييدهم لنضال الشعب الفلسطيني العادل، وأن من فضل الله علينا أن لقيت دعوتنا قبولا وترحيبا من كثير من هذه الدول الصديقة واجتمع كما تعلمون خلال هذه السنة مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في مدينة فاس وأسندت إلينا رئاسة لجنة القدس الشريف، وانطلقنا قياما بهذه المهمة السامية متجهين في جهات مختلفة لتأكيد وجهة نظرنا ونظر أشقائنا العرب والمسلمين فيما يتصل بقضية القدس الشريف وقضية الشعب الفلسطيني بصورة عامة.

وهكذا شرحنا موقنا وموقف إخواننا لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني وللدول التسع الأوروبية.

وإننا إذ نؤكد في هذا اليوم العالمي تضامننا الوثيق والدائم مع الشعب الفلسطيني الشقيق انطلاقا من إيماننا بعدالة قضيته وحرصنا الشديد على السلام في منطقة الشرق الأوسط، لنتوجه إلى الضمير العالمي ونعلن أن لا سلام ولا طمأنينة إلا باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وبإعطاء شعب فلسطين حقوقه الثابتة والمشروعة في قيام دولته وتقرير مصيره.
نسأل الله تعالى الذي وعد أولياءه الصادقين المخلصين التأييد والنصر المبين، أن يؤلف بين القلوب ويجمع الكلمة على الحق والتقوى، ويحقق المطامح والآمال، إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير.

حرر بالقصر الملكي بالرباط في 9 محرم الحرام عام 1400 الموافق 29 نونبر سنة 1979.