تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

خطاب يوم الخميس 14 ربيع الثاني عام 1377 الموافق 7 نونبر سنة 1957 بمناسبة افتتاح المجلس الوطني الاستشاري

07/11/1957

 الحمد لله

سعادة الرئيس،

 حضرات الأعضاء المحترمين ،

 يسرنا أن نفتتح دورة مجلسكم العادية و نحمد إليكم الله تعالى على ما وفق و هدى و أسبغ على هذه الأمة المغربية من نعمه الظاهرة و الباطنة، و لقد تابعنا باهتمام كبير نشاطكم خلال دورتي السنة الماضية و أثلج صدرنا أننا رأيناكم تستقبلون الأمور بجد و تناقشون في الكبيرة و الصغيرة مناقشة تسودها الحرية و الصراحة غير متجاوزين حدود الأدب و اللياقة وفقا لما شرعناه لكم بالخطاب الذي ألقيناه يوم تدشين مجلسكم و بالكلمة التي وجهناها إليكم يوم زرناكم فجأة و أنتم تدرسون ميزانية التجهيز. وإن الاستجوابات التي وجهتموها إلى الوزراء و المقترحات التي ضمنتوها الملتمسات المرفوعة إلينا لتدل على تقديركم للمسؤولية و فهمكم العميق للمشاكل، و قد استفادت حكومتنا من تلك الاستجوابات و الاقتراحات في التغلب على الصعوبات المالية و إخراج ميزانية متعادلة للتسيير ووضع أسس ميزانية التجهيز الأمر الذي زادنا اقتناعا بفائدة هيأتكم فجعلناها ممثلة في المجلس الوطني للتصميم و محكمة العدل الاستثنائية و اللجنة العليا للتعاون الوطني.

لقد خطونا بتأسيس مجلسكم الخطوة الأولى نحو تأسيس الملكية الدستورية و النظام الديموقراطي القويم و قد قررنا أن نخطو خطوة أخرى متزنة في هذه الطريق.

ففي الخطاب الذي ألقيناه يوم عيد الشغل بالبيضاء أعلنا عزمنا على تنظيم الحياة البلدية والقروية على أساس الانتخاب ، و إذا كانت عملياته تأخرت عن الميقات الذي كان محددا لها فلأنها أول تجربة من نوعها تجري في البلاد ، و لا بد من مزيد التحري و إعداد الضمانات الكافية لإنجازها أو إحراز الفائدة المرجوة منها.

إن الديمقراطية يجب أن تؤدى في المغرب مهمة تحريرية بناءة و تشعر المواطن بمشاركته في المسؤولية و تحقق التعاون بين الحاكمين و المحكومين في جو ملؤه الثقة و الوئام.

و لا يخفى أن المغرب آخذ في التقدم و النماء، و بديهي أنه بقدر ما يسير في طريقهما تحدث له قضايا و مشاكل داخلية وخارجية تتطلب مواصلة الجهود و مضاعفتها فعلى الذين انتدبناهم لإبداء الرأي في الشؤون العامة أن يضعوا ذلك نصب أعينهم و أن يساير نظرهم  إلى تلك القضايا و المشاكل تطور الظروف و الأحوال، مستعينين بالحكمة و التدبير، مشيرين بما يرونه عن طريق تصويت تحترم الأقلية فيه رأي الأكثرية، مثلما ينبغي للأكثرية أن تصغي إلى الأقلية وتدرس وجهة نظرها باهتمام.

و ريثما يتم إعداد الميزانية، سنكلف وزير خارجيتنا بعرض السياسة الخارجية على أنظاركم، كما سنوفد إليكم الوزراء الواحد تلو الآخر ليعرضوا عليكم المسائل التي تهم وزارتهم كلما اقتضى الحال ذلك، و لنا كبير الأمل ، في أنكم ستقبلون على العمل بهمة و نشاط، حتى لا تخيبوا الظنون التي حسناها فيكم، و الآمال التي يعلقها الشعب عليكم.

و فقكم الله و أعانكم، و ألهمكم الحكمة و الصواب.