تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

زيارة رئيس الجمهورية التونسية السيد زين العابدين بن علي ( 16 مارس 1999 )

خطاب الرئيس زين العابدين بن علي أمام غرفتي البرلمان المغربي

 
 

بسم الله الرحمان الرحيم

السيد رئيس مجلس النواب المحترم،

السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم،

حضرات السادة والسيدات النواب والمستشارين المحترمين،

يسعدني أن أعبّر لكم، في البداية، عن كبير ابتهاجي بلقائكم ومخاطبتكم في رحاب هذا المجلس الموقّر، وأن أشكر لكم لطف كلماتكم ونبل مشاعركم نحوي ونحو تونس وشعبها.

وهي مناسبة متميّزة لأبلّغكم، ولأبلّغ من خلالكم، الشعب المغربي فائق تحيّات شقيقه الشّعب التونسي، ومايكنّه له من عميق المحبّة والإخاء، مجدّدا التعبير عن سعادتي الغامرة بزيارة الدّولة التي أقوم بها إلى بلدي الثاني المملكة المغربيّة، تلبية لدعوة كريمة من أخي جلالة الملك الحسن الثاني.

كما أنتهز هذه الفرصة التي أخاطبكم فيها، لأعرب له عن بالغ الشّكر والتّقدير لما لقيناه من لدن جلالته وشعبه الوفيّ من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، التي هي من الشيم المتأصّلة في هذه الرّبوع.

حضرات النواب والمستشارين المحترمين،

لقد جئنا اليوم، نجدّد عهدا مجيدا عزيزا على تونس والمغرب، يحدونا عزم أكيد على دعم ما يربط بيننا من أواصر متجذّرة في ماض عريق، حفل التاريخ بمآثره. ومن حسن حظ شعبينا وسائر شعوب المغرب العربي، أن كانت الأطوار التي مرّت بها في القرون الغابرة أو زمن الكفاح التحرّري، من عوامل التقارب وتمتين اللحمة بينها.

فقد حكم التاريخ والجغرافيا هذه المنطقة وشعوبها، ونسجا بينها روابط لا تنفصم، ويسّرا لها التّفاعل مع الحضارات المتوسطية المتتالية وإثراءها، بفضل عراقة الممالك الأمازيغية وملوكها وعظمائها أمثال يوغرطه وماسينيسا والقديس أوغستين، وبفضل حضارة قرطاج وقادتها من أمثال صدربعل وحنبعل وأميلكار بركة.

ثم أتى الفتح العربي الإسلامي فوثّق الأواصر بيننا سياسيا وروحيا وفكريا. وتبارى المجاهدون الأبرار بتونس والمغرب، منذ عقبة بن نافع وطارق بن زياد، في إعلاء كلمة اللّه ونشر مباديء الحقّ والإخاء في ربوعنا وفيما وراءها من الأمصار.

وحرص أعلام الرجال والسيّدات الشّهيرات، من المهدية والقيروان وفاس ومراكش وغيرها من المدن، والعلماء والفلاسفة والأدباء في جامع الزيتونة وجامع القرويّين، على الإسهام في إشعاع الحضارة العربيّة الإسلاميّة التي نعتزّ بالانتساب إليها أيّما اعتزاز.

واحتدمت حركة التضامن وتعزز الشعور بوحدة المصير، أثناء العصر الوسيط، عندما واجهت أقطارنا موجات التوسّع الصليبي التجاري. كما ثارت الهمم، في العصر الحديث، لمواجهة المدّ الاستعماري، ثمّ لخوض معركة التّحرير والاستقلال والكرامة. فوجدنا لدى بعضنا البعض السّند والنصير في مقاومة الاحتلال على أرض الميدان، أو في الساحات الفكرية والسياسية.

والتقى المغاربيون على نصرة قضاياهم بقيادة شباب متحفّز وثّاب، سواء في جمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا بفرنسا، أو في مكتب المغرب العربي بالقاهرة، أو في المحافل السياسية والمنتديات النضالية، بالمشرق العربي وأوروبا وأمريكا و سيا، تعريفا بالقضايا الوطنية ودفاعا عنها، من خلال نضالات قادة تاريخيين من أمثال المغفور له جلالة الملك محمد الخامس والزعيم الحبيب بورقيبة، ورجال أفذاذ رسموا أسماءهم بماء الذهب في صفحات الكفاح الوطني من أمثال علال الفاسي وعبد العزيز الثعالبي وغيرهما.

ونحن نذكر باعتزاز تلك الأجيال من المناضلين عندما هبّوا هبّة رجل واحد في المغرب الشقيق غداة اغتيال الزّعيم فرحات حشّاد، في موجة من المظاهرات التلقائية، غير آلهين بسقوط الضّحايا ولا بأعمال القمع والترويع في مدينة الدار البيضاء وفي غيرها من هذه الربوع. كما لم يفلح التّرهيب ضدّ التّونسيين، عندما قاموا بشدّة مستنكرين نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، ومحاولة منعه من ممارسة القيادة المباشرة للحركة الوطنية المغربية، ومواصلة النضال المشترك. ولم يزد ذلك شعبينا إلاّ صبرا وإيمانا وإصرارا واندفاعا من أجل الحرية والسيادة.

وإننا حينما نستحضر الماضي البعيد والقريب، ونتأمّل في الحاضر ونتفحّص فيما نرمي إليه في المستقبل، لا نجد إلا ما يؤلّف بين قلوبنا ويوثّق عرى الأخوّة والتآزر والتعاون بيننا.

وهو ما يدعونا إلى مزيد تضافر الجهود، والنهوض بالمسؤولية العظمى على خير وجه.

حضرات النواب والمستشارين المحترمين،

تواصلا مع حركة الإصلاح التي عرفتها تونس منذ أواسط القرن الماضي، ووفاء لرسالة من جاهد في سبيل الاستقلال والحرية وشعورا بالواجب الوطني المقدّس، اضطلعنا بمشروع التّغيير الحضاري يوم السّابع من نوفمبر 1987 لإنقاذ تونس ممّا كان يتهدّدها من مخاطر جمّة، وإعادة الثقة إلى نفوس أبنائها، ومصالحة البلاد مع محيطها الخارجي واسترجاع مكانتها بين الأمم.

وحرصنا على أن يستردّ الشعب سيادته، وعلى إعادة الاعتبار إلى دولة القانون والمؤسسات، وفي مقدمة هذه المؤسسات مجلس النواب. فبادرنا بوضع ميثاق وطني وقّعت عليه الأحزاب والمنظمات الوطنية وسائر مكوّنات المجتمع المدني، وكرّست من خلاله الوفاق حول جملة من القيم والثوابت الوطنية. كما قمنا بإصلاحات سياسية، جوهرية شاملة، تناولت فيما تناولت، تنقيح القوانين الانتخابية لضمان التعددية داخل مجلس النواب والمجالس البلدية وهو ما تمّ بالفعل لأول مرة في تونس سنتي 94 و95.

ثم بادرنا بتعزيز حظوظ المعارضة خلال الانتخابات التي ستجرى في الخريف القادم، بما يعزز المسار التعددي ويضمن لها ما لا يقلّ عن عشرين بالمائة من مجموع المقاعد في مجلس النواب وفي المجالس البلدية.

كما أذنّا بتقنين التمويل العمومي للأحزاب لتمكينها من الاضطلاع بدورها في المجتمع وفي مسيرة البلاد، وبالتخفيض في سنّ الترشّح للنيابة البرلمانية والمحلية، بما يزيد في فتح المجال أمام الشباب، مع مساواة المشاركة بين الرجل والمرأة، في الحياة السياسية.

وفي إطار مواكبة التطوّر السياسي للمجتمع التونسي، وتطلّعات الشعب، تمّ تعديل الدستور لتوسيع مجال الاستفتاء وتمكين كلّ التونسيين من التعبير مباشرة عن آرائهم في القضايا المصيرية.

كما تمّ إدراج المجلس الدستوري الذي أحدثناه غداة السّابع من نوفمبر في صلب الدستور، وتفعيل دوره بأن أصبحت آراؤه ملزمة لجميع السلط العمومية.

وحرصا على ضمان التعددية في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، بادرنا باقتراح إدراج أحكام استثنائية في نص الدستور هي الآن قيد النظر في مجلس النواب، تهدف إلى تمكين المسؤول الأول عن كل حزب سياسي له في تلك المسؤولية أكثر من خمس سنوات ومتى كان حزبه ممثلا بنائب أو أكثر في مجلس النواب، من الترشح لرئاسة الجمهورية، وذلك لأنّ تركيبة مجلس النواب والبلديات لا تمكّن في وضعها الحالي من تعدد الترشحات وفق ما نص عليه الدستور من ضرورة تقديم المترشح من قبل عدد أدنى من المنتخبين.

كما سعينا إلى تطوير الإطار التشريعي العام وتعزيز مكانة المرأة ودورها في كل مجال، وإلى تشجيع الجمعيات، على اختلاف أنواعها وأهدافها، بما يدعم نسيج المجتمع المدني، ويؤهّله لمعاضدة جهود الدّولة. وعملنا على نشر ثقافة حقوق الإنسان، على أوسع نطاق، وتنشئة الأجيال وتربيتها عليها وعلى المفهوم الصّحيح للمواطنة التي توازن بين الحقوق والواجبات، في مختلف مراحل الدّراسة وشُعَبها، بما يعزّز المسار الديمقراطي ويحمي هذه الحقوق وينمّيها بمعناها الشامل، وفي كل أبعادها حتى تصبح سلوكا تلقائيا لدى الأفراد والمجموعة، وبما يستجيب للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، ويتلاءم مع المعايير الدولية، وينسجم مع هويتنا الوطنية وموروثنا الحضاري.

حضرات النواب والمستشارين المحترمين،

لقد انتهجنا في مختلف الإصلاحات التدرّج والثبات لتجنيب البلاد مزالق الانتكاس. وتوخّينا منهجا متكاملا لإنجاز التنمية الشاملة، فراعينا طرفي المعادلة بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي.

كما آمنّا بتلازم المسارين الديمقراطي والتنموي، فعملنا على بناء مجتمع متوازن متضامن ينبذ التهميش والإقصاء. وامتدت الإصلاحات إلى كل المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق تمشّ يوازي بين المعطيات الاقتصادية والطموحات الاجتماعية المشروعة، كما يراعي الامكانات المتاحة، ويحافظ على التوازنات العامة.

وعملنا على دفع الاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية بأوفر حظوظ النجاح؛ وإلى تحرير المبادرات الخاصة والطاقات الخلاّقة، وإعادة هيكلة وسائل الانتاج، ووضع الأرضية الملائمة والحوافز اللازمة لإقامة الشراكة وجلب الاستثمار المنتج، وبناء نسيج إقتصادي سليم متطوّر، قادر على مجابهة المنافسة الخارجية.

وقد اعتمدنا، في ذلك، أساسا، على الموارد الوطنية، بإحكام التصرّف فيها وترشيدها، واستكملناها بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء لمعاضدة المجهود الوطني.

وانطلاقا من وجوب صيانة ما أنجز من مكاسب وتعزيزه، ومن أنّ التقدّم حركية متواصلة متجدّدة، وضعنا منذ سنتين خطّة واسعة لتأهيل المؤسسات والإطار البشري والمادي الذي تعمل فيه، لتنمية طاقاتها وقدراتها على الانخراط في معترك القرن المقبل.

وقد حرصنا، في كلّ مرحلة من مراحل المسيرة التنموية، على تشريك جميع فئات الشعب في نهج الإصلاحات المختلفة، وتنظيم الاستشارات الوطنية في مختلف المستويات الشعبية والتمثيلية والإدارية، لضبط الاختيارات والتوجّهات، وإقرار البرامج المستقبلية.

ولمّا كان الإنسان هو الغاية الأولى للتنمية الشاملة، في كل ما نرسمه من خطط وتوجّهات، عملنا على تأمين حقوقه الاجتماعية، من صحّة وتعليم وشغل وسكن تضمن له العيش الكريم. وساعدنا الأطراف الاجتماعية والفاعلين الاقتصاديّين على انتهاج الحوار والتشاور المستمرّ سنّةً للتفاوض والتوفيق بين مصالح الجميع، بما مكّن من الزيادات المنتظمة في الأجور على مدى السنوات العشر الماضية، مع مراعاة مقتضيات الانتاج، وتوسيع التغطية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، ليشملا كل العمّال من مختلف الفئات والقطاعات.

وضمن أولويات سياستنا الاجتماعية، لم ندّخر جهدا في الإحاطة بضعفاء الحال، فجعلنا من التضامن الاجتماعي مدّا متواصلا لمعاضدة جهود الدولة والنهوض بالمناطق التي لم تلتحق بالمسيرة التنموية.

وأنشأنا، من جملة الآليات في هذا الباب، صندوق التضامن الوطني أو ما يُعرفُ عندنا بصندوق 2626، تتأتّى موارده الأساسية من التبرّعات الطوعية. كما أسّسنا البنك التونسي للتضامن لتقديم القروض الميسّرة لصغار الباعثين والمقاولين، غايتنا من ذلك توفير موارد الرزق لكل التونسيين، دون أي استثناء، والسعي الدؤوب لتحقيق العدالة الإجتماعية وأسباب الطمأنينة والإستقرار والحياة الكريمة للجميع.

وقد أمكن بفضل هذه السياسات المتكاملة، في ظرف عقد من الزمن، تحقيق تطوّر هام لمختلف مؤشرات التنمية البشرية ببلادنا، وتحسين نوعية الحياة بالنسبة إلى مختلف الجهات والفئات.

حضرات النواب والمستشارين المحترمين،

من منطلق خياراتنا الأساسية، استمرّ سعي تونس حثيثا لتطوير علاقاتها بمحيطها وبجيرانها دول اتحاد المغرب العربي الذي احتفلنا منذ أسابيع قليلة بالذكرى العاشرة للإعلان عن قيامه، بموجب معاهدة مراكش. وقد أكّدنا مرارا، قيادة وشعبا، إيماننا بأن بناء الفضاء المغاربي خيار مصيري لا محيد عنه، ظلّت شعوبنا تُناضل من أجل إقامة صرحه، سواء عبر اختلاط دمائها أثناء حركة التّحرّر الوطني، أو في اتفاق كلمتها على الأهداف والوسائل لتحقيق الاستقلال داخل الأقطار وخارجها.

وقد تجدّد هذا الاختيار بالخصوص في مؤتمر طنجة. وإنّنا نؤكّد اليوم قناعتنا الراسخة بوجوب تضافر الجهود لاستكمال هذا البناء وإضفاء حركية جديدة على مسيرته لتفعيل مؤسساته وآلياته.

واعتقادي أن الأشقاء في المغرب يشاطرونني الرأي في تأكّد العمل سويّا على تجاوز المعوقات الظرفية لاستئناف انطلاقة الاتحاد على أسس ثابتة دائمة، ممّا يؤهّل منطقتنا لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل بكفاءة واقتدار، في عصر غلبت عليه ظاهرة التجمعات الإقليمية والتكتلات الاقتصادية شرقا وغربا، وفرضت فيه العولمة رهانات يتعيّن علينا كسبها، متضامنين متآزرين، لتحقيق الازدهار والتقدم لشعوبنا في كنف الأمن والاستقرار. ذلك قدرنا وتلك سبيلنا في تأمين مصالحنا العليا المشتركة وتلبية طموحات أجيالنا المتعاقبة.

وأعتقد أن تونس والمغرب يتقاسمان النظرة في اعتماد منهج شامل لمقتضيات البناء المغاربي وتوحيد الجهود، يأخذ في الاعتبار شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي وما تطرحه علينا من تحديات ورهانات جديدة. ويقيننا أن التوظيف الجماعي المحكم لطاقات البلدان المغاربية وإمكانياتها يؤهّل اتحاد المغرب العربي لأن يكون الشريك الكفؤ، لينهض بدوره كاملا في استشراف المستقبل، وإرساء قواعد الحوار الحضاري التي تراعي مصالحه وخصوصياته، وتحفظها وتلبّي تطلعاته، سواء مع الاتحاد الأوروبي أو في نطاق مسار برشلونة أو ضمن آفاق الشراكة على المستوى الدولي عامة.

حضرات النواب والمستشارين المحترمين،

إن تفعيل اتحاد المغرب العربي يستجيب لمصالح منطقتنا وأهدافها وطموحاتها بقدر ما يمثّل عنصرا أساسيا وسندا فاعلا في بناء أمتنا العربية وجمع كلمتها وتطوير أوضاعها.

ومن هذا المنطلق واصلنا سعينا الرامي إلى إعادة روح الوئام والتفاهم بين الأشقاء، و آزرنا كل الجهود المخلصة لإجراء المصالحة وتجاوز سلبيات الماضي التي تحول دون وحدة الصف وإعادة ترتيب البيت العربي والانطلاق نحو التكامل والاندماج، عبر منطقة عربيّة للتبادل الحرّ، تفضي في نهاية المطاف إلى سوق عربيّة موحّدة.

وقد انطلقنا في ذلك من اقتناعنا بأنّ كل هذه العوامل ضرورية لتكريس مباديء التضامن الفعال والتعاون الحقيقي، ولإدراكنا أن بناء الأمّة العربية لا يتأتّى وفق ما نبتغيه إلا بإحلال السلام والوئام في منطقة الشرق الأوسط.

وتقديرا لجسامة ما فوّتته هذه القضايا على المنطقة من فرص للتّنمية والسّلم والاستقرار، وانتصارا منّا للحقّ والعدل، حرصنا على الإسهام الإيجابي في الدفع بمسيرة السلام في الشرق الأوسط، منذ انطلاقها بمؤتمر مدريد، على أساس قرارات مجلس الأمن ومبدإ الأرض مقابل السلام. وكان رائدنا في كل ماقمنا به مناصرة الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل استرداد حقوقه المغتصبة بما في ذلك حقّه في إقامة دولته المستقلة على أرضه، وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك معاضدة جهود الشقيقتين سوريا ولبنان لاسترجاع أراضيهما المحتلة. وإنّنا لنعبر عن انشغالنا الشديد بإزاء احتمال انفجار الأوضاع في المنطقة مجدّدا، بسبب تعنّت إسرائيل، وإصرارها على التّمادي في فرض الأمر الواقع والتنصّل لا من القرارات الدولية فحسب، بل ومما التزمت به، من اتفاقيات.

كما أننا ما فتئنا نواصل جهودنا في كل المحافل وفي كل الاتصالات لرفع الحظر المفروض على الشعبين الشقيقين في ليبيا والعراق، وإنهاء ما يتعرضان له من معاناة، ذلك في إطار الشرعية الدولية، وبما يحفظ كرامة الدول وسيادتها ويضمن حقوق جميع الأطراف.

السيّد رئيس مجلس النواب المحترم،

السيّد رئيس مجلس المستشارين المحترم،

حضرات النواب والمستشارين المحترمين ،

أغتنم هذه المناسبة السعيدة لأعبّر عن ارتياحي للامتياز الذي يطبع علاقاتنا السيّاسية، وللتطور الإيجابي للتعاون القائم بيننا في كل الميادين، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية، وفي ذلك صورة لعزم مشترك على دعم أواصر الأخوّة بين بلدينا وشعبينا.

وإننا لنولي أهمية فائقة لجهود مختلف المؤسسات والهيئات والأطراف الاقتصادية في شتّى الاختصاصات، للارتقاء بهذا التعاون إلى مستوى العلاقات السياسية الممتازة.

وأحرى بالمؤسسات البرلمانية في المغرب وتونس، أن تعاضد عمل الحكومتين، وأن تنهض بدورها في رفد قنوات الاتصال وإثرائها، وتكوين مجموعات أخوّة تسهم في توطيد ما يجمع بين الشعبين من وشائج القربى وصلات الرحم. كما ندعو من هذا المنبر، إلى تكثيف التفاعل والتعاون بين مكوّنات المجتمع المدني في بلدينا، وإلى توثيق الصلات بين الأحزاب والتّنظيمات الشّعبية، والجمعيات المهنية والتجارية والبلدية والتربوية والرياضية وغيرها، بما يزيد في تعزيز روابط القرابة والتآخي بين الشّعبين الشّقيقين.

وفي الختام، يطيب لي أن أجدّد لكم التعبير عن سعادتي باللقاء معكم، شاكرا لكم حسن استماعكم، سائلا المولى تعالى أن يوفّقنا جميعا لما فيه الخير والعزة لشعبينا الشقيقين ولشعوب المغرب العربي قاطبة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.